الموضوع 15: كيف يمكن تطوير الكفايات الوالدية؟
طبيعة الموضوع
الحديث عن تطوير الكفايات الوالدية الضرورية للانخراط الإيجابي
في التربية الدامجة يستلزم تناول كيفية تطوير تلك الكفايات وتقويتها.
إن هذا واحد من أوراش منظمات المجتمع المدني المشتغلة مع أسر
الأطفال في وضعية إعاقة والذي يدخل ضمن مهامها كمواكب لها. كما أنه موضوع يمكن أن
يشكل محور تأمل ذاتي لتلك الأسر من أجل ممارسة نوع من الاستبصار في ممارساتها
الوالدية ومدى استعدادها للانخراط الفاعل في مشروع المؤسسة الدامج وممارسة دورها
المكمل والمتفاعل مع باقي المتدخلين الدامجين.
لذلك ستحاول هذه البطاقة تناول بعض الإجراءات التي يمكن اللجوء إليها
من أجل تطوير أو تعزيز الكفايات التي تمت الإشارة إليها في البطاقة السابقة.
دور منظمات المجتمع المدني في تطوير الكفايات الوالدية
تلعب منظمات المجتمع المدني دورا مهما في تأطير أسر الأطفال في
وضعية إعاقة. وإذا كانت كثير من الجمعيات قد تأسست من طرف آباء وأمهات وأولياء
هؤلاء الأطفال أو بمبادرة منهم، فإن مساهمة هذه المنظمات والجمعيات في تقديم
مجموعة من الخدمات للأسر وأطفالها يعتبر أمرا فارضا لذاته.
وكما هو الحال بالنسبة لكل الأسر، فإن آباء وأمهات الأطفال في
وضعية إعاقة لا يتلقون تكوينات أكاديمية أو مهنية حول كيفية ممارسة والديتهم بشكل
إيجابي، لذلك نجدهم في الغالب، وحسب مستواهم الثقافي، يلجؤون إلى هذه الوسيلة أو
تلك من أجل تطوير معارفهم ولكن بالأساس كفاياتهم الوالدية. وهكذا تصبح كفاياتهم
هذه هي نتاج دينامية تفاعلية في الزمان ونتيجة تراكم تجربة علاقية بين مكونات ثلاثة
هي الوالد(ة) - الطفل- المحيط.
إن هذا الاعتماد على الذات في تأسيس وبناء وتطوير كفايات والدية
لا يمنع من كون مؤسسات المجتمع المدني تلعب ، بحسب إمكانياتها وكذا استراتيجياتها،
بعض الدور في التحسيس ببعض الممارسات التي ينبغي القيام بها تجاه الطفل في وضعية
إعاقة، لكن هذا التحسيس لا يرقى في الغالب إلى استهداف بناء كفايات أي مجموعة من
القدرات المترابطة والتي تستطيع أن تفرز إنجازات.) des performances)
وهكذا وعلاقة بإسهام منظمات المجتمع المدني والجمعيات
الموضوعاتية في التربية الدامجة، يمكن لهذه المؤسسات أن تتجاوز مستوى تحسيس
وتوعية الأسر إلى مستوى تكوينها تكوينا يخدم
بناء الكفايات الوالدية الضرورية للتربية الدامجة.
إن هذا الدور تحدده، كما تمت الإشارة إلى ذلك في أكثر من مكان
من هذا الدليل، مستلزمات التربية الدامجة المرتكزة على تغيير المعارف والتمثلات
والمواقف والاتجاهات وكذا السلوكات والممارسات التربوية.
منهجية التكوين
لكي تتميز تدخلات المنظمات والجمعيات في هذا المجال بالفعالية
المرجوة، يستحسن أن تكون الدورات أو الحصص أو الأنشطة التكوينية مراعية لمجموعة من
المعطيات ومنها طبيعة المستهدفين.
فبغض النظر عن المستوى التعليمي، ينبغي مراعاة أن هؤلاء المستفيدين هم آباء أو
أمهات وبالتالي راكموا تجربة تعتبر في منظورهم ناجحة بالرغم من كل النقد الذاتي
الذي يمكن أن يعبروا عنه، لذلك فإن مبادئ
الأندراغوجيا l’andragogie ينبغي أن تكون حاضرة بقوة .
يمكن أيضا الأخذ بعين الاعتبار المعطيات الآتية:
•الارتكاز على تثمين القدرات
والإمكانيات المكتسبة والانطلاق من الخبرات؛
•الإقرار بكون الآباء هم أول المربين لطفلهم؛
•الاعتماد على مشاركة الآباء
بشكل فعال في مختلف المناقشات والابتعاد عن العروض الجاهزة وإفساح المجال للمناقشة
والاشتغال باعتماد الورشات والتعبير عن المقترحات؛
•عدم فرض وجهات النظر، بل العمل
على التوجيه بطريقة بنائية أو توليدية. فكلما نتجت الأفكار من المستفيدين كلما
كانت هناك حظوظ أكبر لتبني تلك الأفكار وترسخها؛
•ابتعاد المناقشات
والتعقيبات عن إصدار أحكام القيمة أو الميز، لأن ذلك يخلق النفور ويقلل من
الدافعية؛
•اقتناع الجميع
بأن المكونين ليسوا خبراء بقدر ما هم منشطون ووسطاء .des médiateurs
•الابتعاد عن إدراج أي توجه علاجي للتكوين، لآن الحصص تستهدف بناء
أو تقوية كفايات والدية وليس علاج ظواهر أو سلوكات قد تبدو غير سليمة.
إن نجاح تلك الأنشطة التي تستهدف إكساب الوالدين كفايات والدية
خاصة بالتربية الدامجة تنضاف إلى الكفايات الوالدية العامة ينبغي أيضا أن تتميز
بالتنوع وبالإبداعية حتى تجد لها صدى لدى مختلف الأذواق والاتجاهات والحاجيات.
يمكن الجمع بين الندوات والأوراش التكوينية وبين نماذج مبتكرة
لتبادل الأفكار والالتقاء كأندية الآباء les clubs de parents والمسرح الهادف واللقاءات التشاورية واجتماعات
أخذ الكلمة les
réunions de
prise de paroleوالرحلات التكوينية ومناقشة الأفلام وغيرها.
التطوير الذاتي للكفايات الوالدية من أجل التربية الدامجة
يمكن للوالدين، بموازاة مختلف التكوينات التي يمكن أن تقدمها
لهما منظمات المجتمع المدني، أن يعملا على تكوينهما الذاتي وتطوير كفاياتهما
اعتمادا على أساليبهما الخاصة.
إن التطور الذي تعرفه وسائل تقنيات التربية والتواصل الحديثة
وبروز أساليب جديدة في الحصول على المعلومة يمكن أن يساعد على دعم التكوين الذاتي،
خاصة بالنسبة للآباء الذين لا تسمح ظروفهم بالتردد على مقرات المؤسسات والجمعيات
للقيام بذلك.
يمكن لهذا التطوير الذاتي أن يتم عبر قراءات ذاتية تشكل ركائز
لتشكل الجانب المعرفي للكفايات التي تمت الإشارة إليها.
كما يمكن لبعض التقنيات المرتبطة بمجال السوفرولوجيا Sophrologie أن تساعد على اكتساب بعض
التقنيات الجسدية المساعدة على تقوية بعض من تلك الكفايات الوالدية، فقد تسمح مثلا
تقنيات التأمل الإيجابي visualisation positiveوالتنفس والاسترخاء بتحقيق
ذلك بشكل مفيد، كما أن تمارين تقوية قيمة الذات قد تشكل وسيلة من وسائل الرفع من
قيمة الذات التي تنعكس إيجابا على كفاية تقبل الطفل مثلا .
غير أن التواجد في جماعات من الأقران يشكل وسيلة أفضل، فهو يعطي
شحنات أكبر ودافعية أعلى من أجل التغير، خاصة إذا كان ما يسود الجماعة هو الروح
الإيجابية التي لها فعل العدوى على الأفراد.
إن التواجد مع الآخر الشبيه (آباء وأمهات الأطفال في وضعية
إعاقة) يسمح بتبادل الخبرات والتجارب والمعاناة بكل طلاقة. كما يسمح بالإحساس
بالسند الذي يفتقر إليه كثير من الآباء من هذه الفئة. وهذا الشعور بالسند مهم
وضروري من أجل الأمل وخلق روح التحدي والتغير الإيجابي.
-----------------------------------
المرجع :
دليل الأسرة والمنظمات غير الحكومية في التربية الدامجة للأطفال في وضعية إعاقة
مديرية المناهج 2019
مديرية المناهج 2019
إرسال تعليق