تقديم
تعتبر المرتكزات والمبادئ
المعتمدة في تصور هذا الإطار المرجعي منطلقا أساسا بُنيت عليه موجهات التعاطي مع
مختلف أنماط الإعاقة المعنية بالتمدرس. ولئن كانت التربية الدامجة تفترض الاشتغال
بمنطق هندسة مكيفة لمضامين المنهاج التربوي مع كل صنف من أصناف الإعاقة، لتمكين
جميع الأطفال في وضعية إعاقة من تنمية الكفايات التربوية المستهدفة على غرار باقي
نظرائهم بالأقسام العادية، فإن هذا الاشتغال يستدعي مع ذلك التعامل مع كل صنف من
تلك الأصناف بحسب خصوصياته المميزة.
يقتضي هذا التمييز على
المستوى العملي استحضار ثلاثة معطيات أساسية: أولها منطق الدمج في القسم العادي//قسم
التربية الدامجة// باعتماد مختلف إجراءاته التنظيمية والتدبيرية، وثانيها الخدمات
التي تقدمها الموارد للتأهيل والدعم المخصص للاستجابة للاحتياجات الخاصة لكل فئة
إعاقة، وثالثها الاشتغال بالمشروع البيداغوجي الفردي بحسب كل نوع من أنواع الإعاقة
الست المعنية بالتمدرس، وهي:
- اضطراب طيف التوحد؛
- الإعاقة الذهنية؛
- إعاقة الشلل الدماغي الحركي؛
- الإعاقة السمعية؛
- الإعاقة البصرية؛
- اضطرابات التعلم.
وفي هذا الإطار، يقدم الإطار
المرجعي الحالي تصورا عاما للتعامل مع كل صنف من هذه الأصناف داخل فضاء المدرسة
الدامجة، وذلك بالتركيز على العناصر الآتية:
- التعريف بصنف الإعاقة وبالخصائص العامة المميزة لكل صنف؛
- ضبط الاحتياجات الأساسية لكل صنف من أصناف الإعاقة؛
- التعلمات الداعمة التي يحتاجها كل صنف؛
- الممارسات البيداغوجية الموصى بها بالنسبة لكل إعاقة.
على أن يراعى في الاشتغال البيداغوجي تطبيق المبادئ الآتية:
- الارتباط بخصوصيات النمو والتعلم عند الطفل في وضعية إعاقة بحسب أصنافها.
-
الارتكاز على نفس المبادئ
السيكوبيداغوجية العامة المعتمدة ضمن المنهاج الدراسي للتعليم العمومي، مع التمييز
والتكييف الذي يرتبط بخصوصيات هذه الفئة من الأطفال.
-
اعتماد نفس الإجراءات
التنظيمية التربوية التي تخضع لها جميع الأقسام في المدرسة، وبالتالي مختلف جوانب
الحياة المدرسية والأنشطة المتعلقة بها.
- تبني نفس المداخل البيداغوجية المعتمدة في المنهاج التربوي الرسمي، وبالأخص
مدخل التدريس بالكفايات.
اضطراب طيف التوحد
لقد كانت اضطرابات التوحد
تاريخيا لا تتميز عن باقي حالات الاضطراب العقلي أو الفصام الطفولي، وقد ربطها
الطبيب النفسي الأمريكي كانير Kanner عام 1943 بمجموعة من حالات التخلف العقلي
التي تتميز باضطرابات قريبة أو شبيهة بالفصام، وبالتالي أطلق عليها مصطلح التوحد،
وفي عام 1944 اكتشف الطبيب النمساوي أسبرجر Asperger، أن هؤلاء
الأطفال يعانون من أعراض حالات متشابهة يطلق عليها إسم التوحد، ولكن مع تفاوتات
على مستوى التشخيص المتعلق بالأعراض النفسية المصاحبة، التي سميت فيما بعد
باضطرابات النمو الارتقائي، والذي سوف يجمع مجموعة الاضطرابات التي تدور حول
التوحد، والتي سوف تحصر مع أسبيرجر ومع وينك L.Wing ومع هولين Howlin في أربعة أنماط وهي: اضطراب التوحدDésordre Autistic، الاضطرابات غير التوحدية Non
désordre
Autistic، الإسبيرجر AspergerSyndrome، واضطرابات النمو غير المحددة. Pervasives Troubles développementaux[1]
ومن
المعلوم أن هذه الاضطرابات كان يعتقد بأنها اضطرابات ذات أصل نورولوجي، وتصل إلى
حدود توقف النمو أو تعطله أو اختلاله على مستوى الجوانب اللغوية والمعرفية والانفعالية
والاجتماعية، أو حتى فقدانها؛ مما يؤثر بشكل عميق على نمو الطفل وتطوره، وهذا ما جعل أغلب مراكز
البحوث تطلق على هذه الأنواع من الاضطرابات اصطلاح طيف التوحد Autistic Spectrum، حيث توافقت مختلف الدراسات على حصر هذه التمظهرات في خمسة أنواع
وهي :
- Autisme التوحد
- Asperger Syndrome متلازمة
الأسبرجر
- ريتس أو متلازمة الريتس Retts Syndrome
- Disorders Disintegrative Childhood اضطرابات الطفولة التحللية
-
Pervasives Troubles développementaux اضطرابات النمو غير
المحددة-
:تعريف التوحد
تعاريف عامة
يعتبر تشخيص اضطراب التوحد
وغيره من أنواع اضطرابات النمو من أكثر العمليات تعقيدا وصعوبة، وهذا ما يستدعي
تكامل مقاربات الأطباء والسيكولوجيين ومتخصصي التواصل واضطرابات اللغة وما إلى
ذلك. إن التوحد يعتبر اضطرابا يصيب إمكانات ومهارات الطفل على المستوى العقلي
واللغوي والوجداني، الأمر الذي تتعذر معه أحيانا إمكانات التشخيص الطبي والتقييم
السيكولوجي.
وتتعدد أعراض التوحد وتتنوع،
إذ من النادر أن نجد طفلين متوحديين متشابهين تماما في الأعراض. وهذا راجع إلى
اختلاف وتنوع العوامل المسببة للاضطراب، سواء منها الجينية الوراثية أو النوروفيزيولوجية
أو الكيميائية... إلخ.
ولا بد من الإشارة إلى أن
العوامل المسببة للتوحد غالبا ما ترتبط بالجهاز العصبي الذي يؤثر على الوظائف
الجسدية والذهنية والسيكولوجية والسلوكية للطفل، وهذا ما تترتب عنه مختلف مستويات
الاضطرابات الوظيفية عند الطفل التوحدي. كما أن بعض الإصابات قد تحدث نتيجة تلوث
كيميائي//الرصاص والمعادن الثقيلة// أو إشعاعي، أو نتيجة إدمان المخدرات والكحول
أو التعرض لمبيدات حشرية أو أمراض باكتيرية وفيروسية... إلخ
وتتنوع المرجعيات العلمية لتعريف التوحد، وتتفاوت بالنظر إلى تعدد مقاربات
التشخيص الإكلينيكي لطبيعته.
يرى هاولين ،
1998 Howlin أن التوحد هو «أحد اضطرابات النمو الارتقائي التي تتميز بقصور أو
توقف في نمو الإدراك الحسي واللغة، ونمو القدرة على التواصل والتخاطب والتعلم،
والنمو المعرفي والاجتماعي، وتصاحب ذلك نزعة انسحابية انطوائية، وانغلاق على الذات
مع جمود عاطفي وانفعالي، بالإضافة إلى بعض أعراض اندماج الطفل التوحدي في حركات
نمطية عشوائية غير هادفة لفترات طويلة ومتكررة، أو ثورات غضب عارمة كرد فعل لأي
تغيير أو ضغوط خارجية لإخراجه من عالمه الخاص. »
وتعرف الجمعية الأمريكية
التوحد بأنه نوع من الاضطرابات التطورية النمائية التي قد تظهر خلال الثلاث سنوات
الأولى من عمر الطفل، حيث ينتج عن هذا الاضطراب خلل في الجهاز العصبي يؤثر على
وظائف المخ والدماغ وعلى مختلف نواحي النمو، مما يؤدي إلى قصور في التفاعل
الاجتماعي، وقصور في الاتصال والتواصل أكان لفظيا أم غير لفظي//تأخر النطق أو
انعدامه – فقدان الاكتسابات اللغوية- سوء التعبير الحركي اللفظي – تكرار وترديد
الكلام الذي يقوله الآخرون – عدم القدرة على تسمية الأشياء – عدم إنتاج لغة مفهومة
– عدم القدرة على التواصل التبادلي مع الآخرين –عدم القدرة على تعبير الطفل عن
نفسه// [2].
كما ترى بعض التعريفات الأخرى أن الطفل التوحدي غالبا ما يتميز بالاستغراق غير العادي في التفكير
والتأمل المتمركز على نقطة فراغ، كما يتميز بضعف القدرة على الانتباه والتركيز
التواصلي، ورفض الدخول في علاقات تفاعلية اجتماعية مع الآخرين[3]، فهو يتجنب
تماما التلاقي أو التواصل بالعيون الذي يميز الأطفال من سنه عندما يتحدثون. وغالبا
ما لا تبدو على وجهه البسمة أو توقع الفرح ولو عند احتضانه لوالده ولوالدته، مما
يعني غياب الترابط والصلة الوجدانية مع أبويه أو أفراد أسرته. وغالبا ما لا يتعرف
الطفل التوحدي على الأشخاص المهمين في حياته، أو المتفاعلين معه من مدرسين أو
جيران أو رفاق، ولا يعبر عن فرح أو حزن أو غضب.
: Asperger Syndrome متلازمة أسبيرجر
تتنوع أصناف الاضطراب ضمن دائرة أطياف التوحد كما تحدد
سابقا، إلا أنها تلتقي في نمطية المظاهر
والأعراض المتشابهة. كما أنها قد تتفاوت بحسب حدة ودرجة الاضطرابات المصاحبة لها.
إلا أن هناك نمطا من اضطرابات التوحد الذي لا بد من الوقوف عند بعض خصائصه، وهو ما
يسمى بمتلازمة أسبيرجر Asperger Syndrome. تعتبر هذه
المتلازمة اضطرابا ذا أصل تكويني أو وراثي جيني، ولا يتم الكشف عنه مبكرا، بل بعد فترة
نمو قد تمتد إلى أربع أو ست سنوات.
وقد تصيب الأطفال ذوي الذكاء
العالي أو العادي، ولا يصاحبها أي تخلف عقلي، ولا تأخر في النمو اللغوي والمعرفي. كما
تتميز بقصورات بسيطة في القدرة على التفاعل الاجتماعي، مع بعض السلوكيات غير
المألوفة، مثل عدم القدرة على التواصل غير اللفظي والتعبير عن العواطف أو المشاركة
الوجدانية.
ومن أبرز أعراضها العلاقات
الاجتماعية التي غالبا ما تكون فجة، مع صعوبات في استخدام الأدوات اللغوية، وعدم
إدراك أو تفهم الآخرين. بالإضافة إلى سرعة الانزعاج عندما تتغير الأعمال الروتينية
أو البرامج اليومية، والحساسية الفائقة للأصوات العالية والأضواء القوية والروائح
النفاذة، والنزوع إلى الحركات والسلوكات االمتكرر. كما يتميز توحد أسبيرجر
بالذاكرة القوية لأدق التفاصيل، ولكن مع عدم انسيابية التفكير، وكذلك صعوبات كثيرة
في فهم واستيعاب ما يقرؤه أو يسمعه، مع نزوع نحو العلوم والحساب، كما يظهر في
سلوكاته الجسدية نوع من التململ والاهتزاز والتحرك إلى الأمام أو الخلف وحركات
لاإرادية بالرأس أو اليد أو الأرجل.
وبدون الدخول في تفاصيل
تشخيصية حول هذا النوع من التوحد الموجود في المدرسة أحيانا بدون الوعي بخصوصياته،
يمكن التأكيد على أن هؤلاء الأطفال قد يتميزون بمؤهلات وقدرات عالية في التعلم
والاكتساب، في مجالات محددة مثل//المواد العلمية : رياضيات/علوم//، أو//المواد ذات
الصلة باللغات.//
يستخلص من التعريفات السابقة أن اضطراب التوحد يتميز بالتفاوت
من حيث السببية، والانتماء إلى نمطيات قد تكون متقاربة من حيث توصيف الأعراض
وتصنيف المظاهر السلوكية التي يعرفها الطفل التوحدي. وهكذا يمكن إجمال مختلف
التعريفات فيما قدمته المنظمة العالمية للصحة كتعريف دولي لاضطراب طيف التوحد.
تعريف المنظمة العالمية للصحة:
تعرف المنظمة العالمية للصحة التوحد
على أنه عبارة عن اضطراب نمائي يظهر في السنوات الأولى من عمر الطفل، ويؤدي إلى
خلل في التواصل اللغوي والتبادل الاجتماعي وكذلك مختلف تمظهرات النمو النفسي والاجتماعي للطفل. وعلى أساس
التعريفات العامة السابقة، والتي حُددت من خلالها مختلف أبعاد التصنيف المميزة
لأطياف التوحد عموما، ولمتلازمة أسبيرجر بشكل خاص، فقد تم تحديد المستويات
المرجعية للتعريف الممكن اعتماده مؤسساتيا لإعاقة التوحد باعتماد أهم خصائصها
وأعراضها العامة، ومن هنا يمكن الانتقال إلى ضبط مختلف المستويات التي يجب
مراعاتها عند بناء المقاربات التشخيصية المدرسية، من أجل تسجيل الطفل بالمدرسة، أو
الانتقال إلى التشخيصات السيكوبيداغوجية التي يمكن اعتمادها لبناء مشروعه
البيداغوجي الفردي من أجل الدمج.
وفيما يلي أهم الخصائص التي تميز الطفل التوحدي على المستويات
الجسدية والعقلية والوجدانية والتواصلية الاجتماعية.
الخصائص المميزة لاضطراب طيف التوحد:
يمكن تحديد الأعراض والخصائص العامة المرتبطة بأطياف التوحد عموما في
العناصر التالية:
الخصائص الحس-حركية:
يحدد الأخصائيون التمظهرات الحس حركية لأعراض التوحد من خلال ما يلي:
-
الحساسية الفائقة للأصوات القوية
والأضواء المؤثرة وكذلك بعض الروائح الدقيقة.
- عدم التآزر الحركي، وكثرة التململ والاهتزاز وعدم هدوء الجسم والاستعمال
القلق لليدين وعدم إدراك تموقع الجسد في المكان.
-
عدم القدرة على استخدام الجسد
وتعابير الوجه، وقراءة السلوك الجسدي والتعبير غير اللفظي للمحاور.
-
التعبير الصوتي المرتفع
والمضطرد واستعمال الصيحات الصوتية النسقية على وتيرة واحدة.
- عدم القدرة على التفاعل الجسدي مع مكونات المكان، حيث يجد صعوبة في الإدراك
اللمسي والتآزر السيكوحركي والإدراك المكاني والتخيل الفراغي، والإدراك القبلي أو
الآني لتموقع الأشياء في المكان.
- يصعب على الطفل التوحدي تجاوز الاستجابات الحركية الدورانية والمتكررة حول
سلوك واحد في علاقة مع شيء
//لعبة مثلا//، وكل تدخل فجائي
لتغيير هذا السلوك قد يستفزه ويستثير لديه نوبات انفعالية قوية//غضب//.
- يتعذر عليه أحيانا مزاولة الأنشطة الرياضية المرتبطة بالتعليمات التوجيهية،
وذلك لعدم قدرته الربط بين الإدراك السمعي للتعليمة والتنفيذ الجسدي للسلوك. .
الخصائص العقلية المعرفية:
تتميز العمليات الذهنية عند الطفل التوحدي بالتمظهرات التالية:
- على مستوى الإدراك: هناك اشتغال على مستوى ميكانيزم الإدراك ولكنه متفاوت بشكل
أو بآخر عند الأطفال التوحديين، مع بعض الاضطرابات المتعلقة بالإدراكات المتناسقة
أو الموجهة للسلوك، بالإضافة إلى أن إدراكات الطفل التوحدي تبقى مشوشة، أو تميل
إلى أحادية البعد مثال: إدراك الألوان، إدراك الأشكال، إدراك الأقارب، إدراك
التموقع في المكان. كما أن هناك صعوبات في إدراك المنطوقات اللغوية : التبادلات
التواصلية مع أفراد الأسرة، أو التعليمات الصادرة عن المدرسين...
- الفهم ومعالجة المعلومات: يلاحظ عند
الطفل التوحدي صعوبات على مستوى معالجة المعلومات، وفهم السياقات والأشياء والوقائع والأحداث،
واتخاذ مبادرات وردات فعل منسجمة معها.
- التحليل والتفكيك: الطفل التوحدي يجد صعوبة في عمليات التحليل والتفكيك سواء
على مستوى المعطيات المادية والمشخصة://تفكيك اللعب والأشكال...//، نظرا لهيمنة
الاستجابات النمطية المتكررة.
- التركيب: يواجه بعض الأطفال التوحديين صعوبات في بعض العمليات الذهنية
وأدوات التفكير مثل: السلسلة والترتيب والتصنيف والتفييء والمقارنة وعلاقات
التتابع، وكذلك تركيب أشياء جديدة من عناصر متعددة. كما قد يقوم الطفل ببعض
السلوكيات الميكانيكية ضمن الاستجابات النمطية المتكررة دون أن ترتكز على استثارة
أو توظيف عمليات ذهنية محددة.
- التقويم: لا يستطيع الطفل إنتاج حكم تقويمي على الأفعال والوقائع والأحداث
والظواهر والأشخاص إلا في حالات التوحد الخفيفة، وهي أحكام غالبا ما تكون انطباعية
متغيرة محدودة وغير معممة على وضعيات مشابهة.
- المعرفة والذاكرة: يبرهن الأطفال التوحديون على قدرة على التخزين الذاكروي
للصور، الأصوات، الكلمات، الأناشيد والأوجه، وكذلك المعطيات الشكلية للجمل بدون
فهم المعنى أحيانا.
الخصائص الوجدانية العاطفية:
يعاني الطفل التوحدي من اضطرابات نفسية وجدانية حيث:
- عدم القدرة على تكوين مشاعر وجدانية أو التعبير عنها تجاه الأشياء والأفراد،
الأمر الذي يسبب له في بعض الأحيان أزمات انفعالية تجاه نفسه//إيذاء الذات، عض
اليد، ضرب الرأس مع الحائط//....
- عدم الاستجابة للآخر سواء الأطفال أوالراشدين، مما يعوق اندماجه السلس مع
أقرانه في اللعب أو في جماعات الفصل الدراسي، بحيث يطغى عليه الانعزال والانطواء.
- الحاجة إلى التفهم والرعاية من طرف من يتفاعل معهم، فهو لا يدرك السياقات
التفاعلية، ولا متغيراتها ولا يتفهم مشاعر الآخرين، كما أنه عاجز عن البدء أو
الاستمرار في تفاعل تبادلي مع الآخر بشكل طبيعي، ولا يتمتع بمهارات التبادل والأخذ
والعطاء.
- يتميز الطفل التوحدي كذلك بأنه لا يستجيب للعواطف، مما يتعذر عليه المشاركة
الوجدانية، لأنه لا يقدر على تطويع السلوك ليتناسب مع ظرف أو موقف اجتماعي، فهو
غير قادر على تحقيق التكامل بين سلوكاته ومنطق التواصل الاجتماعي الوجداني.
- طغيان روتين وجداني لدى بعض الأطفال التوحديين غالبا ما يطالب به ويكرره.
فهو مندمج وجدانيا في أعمال روتينية يومية، ولا يقبل التغيير في رتابة نشاطه
اليومي.
الخصائص التواصلية الاجتماعية:
يمكن التمييز بين الطفل
التوحدي غير الناطق والطفل التوحدي الذي يتواصل من خلال استجابات متكررة فيها عبارات
ومنطوقات لا يفهمها إلا محيطه الأسري أو المدرسي. كما أن اللغة المستعملة من طرف
الطفل التوحدي لغة غير وظيفية، فهو لا يستطيع تفكيك إرسالية أو بناء إرسالية
بالطريقة المعتادة لدى جميع الأطفال.
على المستوى اللغوي، يلاحظ أن
هناك صعوبات في تعلم اللغة لدى بعض الأطفال التوحديين، بحيث يمكنهم استقبال الإرساليات
الشفهية، ولكنهم يجدون صعوبات في إنتاج المنطوق الشفوي المناسب لكل إرسالية حسب
بنيتها اللغوية//سؤال/جواب/تعليمة/طلب/أمر/صيغ أخرى// أو معانيها.
كما يلاحظ، على مستوى النشاط القرائي، أن هناك تفاوتات بين
الأطفال التوحديين في تجربة النشاط القرائي، ولكن عموما يجدون صعوبات في بناء
القدرات القرائية، ويحتاجون إلى زمن أطول للوصول إلى نتائج ملموسة على مستوى هذه
القدرات.
حاجات التعلم لدى الطفل التوحدي:
إن تحليل حاجات التعلم لدى
الطفل التوحدي في علاقتها بالأبعاد الوظيفية، تستوجب الوقوف عند طبيعة أعراض هذه
الإعاقة وأسبابها من جهة، وربطها من جهة أخرى بأنواع الحاجيات السيكولوجية
والتربوية التي ينبغي الارتكاز عليها لبناء التعلمات المدرسية المقترحة لهؤلاء
الأطفال. وهذا يفترض ضرورة التمييز بين نوعين من الحاجيات الممكن استهدافها، وهي
الحاجيات المرتبطة بالتمدرس والتي يهتم بها الفريق البيداغوجي للمؤسسة المدرسية،
والحاجيات المرتبطة بمجال التعلمات الداعمة التي يهتم بها الفريق الطبي وشبه الطبي.
ويمكن تحديد أهم الحاجيات المرتبطة بالتعلمات لدى الطفل التوحدي كما يلي:
حاجات التعلم لدى الأطفال التوحديين
التعلمات الداعمة
يقدم الجدول أسفله جملة من الأنشطة العملية التي يمكن اعتمادها
داخل فضاء التأهيل السيكوتربوي من لدن الفريق متعدد الاختصاصات لدعم إمكانات الطفل
وتيسير تعلمه في مختلف المواد الدراسية.
//التعلمات الداعمة لفائدة الأطفال التوحديين//
ممارسات تربوية ملائمة
- وضع الطفل وسط القسم وعدم عزله في زاوية خاصة تفاديا لتركيز مناخ التوحد
لديه.
- ضمان حد أدنى من الهدوء في القسم قبل الشروع في الاشتغال معه في الأنشطة
المبرمجة.
-
حينما يرفض التواصل
والاستجابة للتعليمات، يُمنح وقتا للعب، ثم تتم معه المحاولة من جديد مع ليونة
كبرى في التعامل.
- مسايرته أول الأمر في تصرفاته وحركاته النمطية لشد انتباهه، والانطلاق منها
في خلق التجاوب معه.
- تكليف أحد زملائه بالاشتغال معه لتركيز الميل إلى الآخر لديه.
إرسال تعليق